فى سكون الليل

دخلت عليه فوجدته واقفا فى غرفته المظلمة تسمع له أنينا وحشرجة بكاء

فلما اقتربت منه وجدته واقفا فى سكون الليل يصلى ويقرأ اّيات من كتاب الله عز وجل

فسمعته يقرأ ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله

إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ))

والدموع تنهمر على وجهه فلما انتهى من الأيات لم تملك نفسها هى الأخرى

من أن تبكى ثم ركع ثم سجد فسمعته فى سجوده يقول

( يا من وسعت رحمته كل شىء أنا شىء فسعنى برحمتك يارب يا أرحم الراحمين

ارحمنى وارحم ضعفى وياغفار الذنوب اغفرلى ذنبى واستر لى عيبى )

ولا زال صوت بكائه يعلو حتى انتهى من صلاته فقالت له : يابنى مالذى يبكيك

لازلت صغير السن فمما تخاف فقال لها: يا أماه أخاف من شدة حر يوم الحشر

وأخاف من كثرة ذنوبى ثم إبتسم وقال لها ولكنى رغم هذا أحسن الظن بربى

وأطمع فى رحمته وجنته

قالت : أراك ارتحت بعد صلاتك وبكائك هذا فما سبب تلك الراحة؟

قال لها يا أمى : فما أن أقف بين يدى الله عز وجل فأناجية حتى اشعر براحة عجيبة

وسعادة ما بعدها سعادة وطمأنينة ما بعدها طمأنينة فكيف لا وأين بين يدى ربى

أسمع كلامه وأناجيه بدعائى

استبشر بكلمات وأبكى لأخرى .أستبشر حينما أسمع (وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون)

وأستبشر حينما أسمع ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ))

وأخاف حينما أسمع (وحيل بينهم وبين ما يشتهون)

وأخاف حينما أسمع قل هل ننبؤكم بالاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا

وهكذا أنا بين خوفى ورجائى غير أنى أحب الله عز وجل واستشعر الراحة طالما صرت معه وبين يديه

حتى مع علمى بمعصيتى له فربى بى رحيم .

قالت الأم: (بعين باكية) كل هذا يابنى تفعله وأنا لا أشعر بك؟

فقال: هونى عليكِ يا أمىفإنما هى مرات قليله ياليتها تتكرر كثيرا فدائما ما أنشغل بأمور الحياة وأنسى قيام الليل

الذى قال عنه النبى( شرف المؤمن قيامه بالليل).

الأم: بإذن الله يابنى ستتكرر كثيرا وسأوقظك كل يوم وسنقوم لنقف سويا ونصلى معا فنناجى ربنا فى سكون الليل

حين يتنزل فى كل ليلة فيقول(هل من داعى فأستجيب له) فيستجيب لنا بإذن الله

غدا بإذن الله سنقف سويا فى سكون الليل . (تمت)

فشتان شتان بين شاب قضى جزء من ليلة بين يدى الله وأخر قضى ليله فى مالا يفيد ولا يسمن ولا يغنى من جوع.

دمتم على حسن العبادة